عرب وعالم
مديرو وكالات الانباء العربية يؤكدون اهمية الالتزام بالموضوعية والمهنية
أكد مديرو وكالات الانباء العربية المشاركون في أعمال الجلسة الحوارية ” الأخلاقية والكفاءة في عمل وكالات الأنباء ” التي عقدت صباح اليوم على هامش افتتاح أعمال المؤتمر الـ42 للجمعية العمومية لاتحاد وكالات الأنباء العربية ” فانا “, والذي يعقد تحت رعاية وزيرة الدولة لشئون الاعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة سعادة الاستاذة سميرة ابراهيم بن رجب, أن لوكالات الأنباء العربية دورا مهما على صعيد نشر الاخبار الموثوقة, وتوعية المواطن والتصدي للمعلومات المضللة والمحرفة, مشددين على اهمية الالتزام بالموضوعية والمهنية , وضرورة ان تواكب وكالات الانباء سرعة انتشار الاخبار على وسائل التواصل الاجتماعي , التي قد تبث اخبارا مضللة وغير صحيحة.
وقال الأستاذ عبدالله بن فهد الحسين رئيس وكالة الأنباء السعودية رئيس اتحاد وكالات الأنباء العربية رئيس المجلس الدولي لوكالات الانباء في كلمته خلال الجلسة الحوارية , والتي تعد الاولى من نوعها على هامش اجتماعات “فانا” والتي نظمتها وكالة أنباء البحرين بالتعاون مع جامعة البحرين وعقدت بالجامعة, أن الأخلاقية سمة أساسية لعمل وكالات الأنباء وعنصر محوري للكفاءة والنجاح، مشيرا إلى أن وكالات الأنباء العربية تقدم عبر أدائها وما زالت نماذج عملية للأخلاقية والكفاءة، حيث يتم الاعتماد في نقل الأخبار عن أي من الدول العربية على الوكالة الوطنية لتلك الدولة دون سواها لضمان عناصر المصداقية والدقة والموضوعية.
وأضاف خلال الجلسة التي ترأسها الاستاذ فيصل الشبول مدير عام وكالة الأنباء الأردنية ” بترا ” وحضرها سفراء وأكاديميون ولفيف من المهتمين وطلبة الاعلام بالجامعة أن المختصين والأكاديميين اجتهدوا في تعريف أخلاقيات العمل الصحفي، وهي في الإجمال تعبر في مضمونها عن العلاقات بين ممارسي المهنة من ناحية والعلاقات بينهم وبين الجمهور من ناحية أخرى وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة، لافتا إلى أن من أهم المبادئ والقيم الأساسية المعمول بها في هذا الشأن هي الصدق والدقة والحيادية والموضوعية إلى جانب عناصر الأمانة وعدم تشويه الحقائق أو السعي إلى منفعة خاصة مع احترام خصوصيات الآخرين وثقافات الشعوب الأخرى والإنصاف والمساواة في تبادل المعلومات وتحمل المسؤولية الاجتماعية لتعزيز قيمها الإيجابية، بالإضافة إلى صيانة أعراض الناس وعدم الإساءة إلى الشعوب والدول والأفراد وتحاشي جميع أشكال الإثارة أو التضخيم.
وتابع قائلا إن أخلاقيات مهنة الصحافة تنبع من مصادر عدة منها السياسة الإعلامية وطبيعة المؤسسة الصحفية وفريق العمل بها إلى جانب المجتمع الذي يعد من المصادر المهمة لأخلاقيات المهنة، واصفا إياه بأنه المنبع الرئيسي الذي يستمد الصحفي أخلاقياته المهنية، فضلاً عن القيم الاجتماعية والأعراف والعادات والتقاليد السائدة وطبيعة التنشئة الاجتماعية.
وأوضح أن من بين أبرز مقومات عمل وكالات الأنباء العربية، التي يجب أن تستند إليها لتحقيق رسالتها الإعلامية، هي نقل الحقيقة بدقة وسرعة وموضوعية مع احترام الأسس الأخلاقية المتعلقة بالصحافة والأنظمة السائدة وعدم التحيز في نقل الأخبار واحترام العقل وكرامة الإنسان.
وبين أن لوكالات الأنباء العربية دور مهم على صعيد توعية المواطن بما يدور حوله في العالم من قضايا تهمه وتؤثر في تشكيل الرأي العام وتكوين صورة صحيحة عن مجتمعه والعالم حوله، إلى جانب التصدي للمعلومات المضللة والمحرفة والأخبار التي تمس الأسس الدينية والاجتماعية والأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع والمساهمة في تحصين المجتمع ضد أي أفكار لا تتفق والدين الحنيف أو العادات والمبادئ والأخلاق.
ودعا إلى ضرورة الالتزام بمعايير محددة لتحقيق الكفاءة المهنية المطلوبة في عمل وكالات الأنباء العربية كالتدقيق في المعلومات والتعمق في المحتوى الإخباري وسرية المصادر والنزاهة والمصلحة العامة إلى جانب وضوح الرؤية واستشعار المسؤولية القانونية والمجتمعية واستخدام التقنية الحديثة، ناهيك بالطبع عن حسن الإدارة وإدراك طبيعة الرسالة الإعلامية وتزويد فرق عمل وكوادر المؤسسة بالعلم والتدريب اللازمين، فضلا عن ضرورة توفير التمويل والارتقاء بالمقر وتجهيزاته الأساسية لأداء العمل.
وأكد على أهمية أن تتبنى وكالات الأنباء العربية أهداف استراتيجية طويلة الأجل وأخرى تكتيكية أو قصيرة الأجل، منوها إلى تأثيرات البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي لا تستطيع إدارة المؤسسات الإعلامية الناجحة أن تحقق أهدافها بمعزل عنها.
وختم الحسين مداخلته بالقول إن ممارسة العمل في وكالات الأنباء وفي الصحافة بشكل عام تؤكد الترابط الوثيق بين الأخلاقية والكفاءة، منبها إلى أن القواعد الأخلاقية لا تهدف إلى فرض معايير قابلة للتطبيق قانونياً بقدر إعطاء الصحفي إطار عمل لمساعدته، خاصة أن أخلاقيات العمل الصحفي أصبحت مشكلة عالمية، وفي ظل الثورة الإعلامية والمعلوماتية والاتصالية الحديثة يتجه العديد من الاتحادات والمؤسسات الصحفية في العالم نحو مراجعة مواثيقها المهنية استجابة للتطورات المتلاحقة في الساحة السياسية والإعلامية، وذلك بما يعمل على إرساء مبدأ الالتزام بالمسؤولية وتدعيم التزام الإعلاميين بالقيم والمعايير الأخلاقية للمهنة وسعياً لزيادة وعيهم وتقديراً لأمانة الكلمة.
من جهته قال الدكتور محمد العويم مدير وكالة الأنباء العمانية في كلمته في الندوة الحوارية “أن وكالات الأنباء هي مؤسسات وطنية تعمل بالتعاون مع الجهات الرسمية في الدولة من أن توصيل المعلومات التي تهم المواطنين، وهي الناطق الرسمي والشريان الوحيد لوسائل الاعلام الصحفية والمرئية وغيرها التي تقدم لهم المعلومات التي تهم القطاع الكبير من المواطنين، كذلك وتعتبر الوكالات هي المصدر الموثوق دائما بصحة الخبر ودقته وهو ما يميز وكالات الأنباء عن المؤسسات الاعلامية الأخرى”.
وأكد العويم “أن وكالات الأنباء لا يهمها السبق الصحفي بقدر ما يهمها توصيل المعلومة الرسمية التي تهم المواطنين في حياتهم اليومية ولذلك تركز على المسائل المهمة بعيدا عن الإثارة، وإذا أراد الناس ان يتأكدوا من صحة خبر ودقته دائما يرجعون لوكالات الأنباء فيجدوا فيها الحقيقة المجردة”.
وأضاف العويم ” تنبع أهمية الاخبار التي تبثها وكالات الأنباء من كونها مؤثرة وينتشر الخبر الذي يصدر منها على نطاق واسع وغير محدود، وقبل 200 عام كان العالم كله يعتمد على ثلاث وكالات أنباء فقط هي التي تتحكم في توزيع الأخبار ونشرها، وتهتم بالمحاصصة الاستعمارية العالمية وتنشر الأخبار وفق رؤيتها ووفق أجندتها السياسية بعيدا عن الاخلاق وعن المهنية، وقبل 50 عاما حاولت الأمم المتحدة تهشيم هذه السيطرة، وقبل 20 عاما عاد الاستعمار من جديد يمارس رؤيته وفق منظور استعماري جديد مستفيدا من التطور التقني الكبير الذي حدث في العالم، وذلك من خلال تسريب الأخبار ودس المعلومات في الأخبار وتسميمها، وهو ما يؤكد بأن القوى الاستعمارية الاعلامية لا تتقيد بأخلاق ولا بمهنية ويساعدها في ذلك امكانياتها الهائلة وانتشار مكاتبها في العالم الذي يتراوح ما بين 300 إلى 400 مكتب في كافة الدول”.
وأشار إلى أن وكالات الأنباء العربية الآن في تحدي كبير بعد ما يسمى بثورات (الربيع العربي) حيث أصبحت مهمتها صعبة بقدر كبير فلا بد من اقناع المواطنين بأن الدولة تعمل جاهدة من أجل صالح البلاد وتنميتها وازدهارها، ومن أجل خدمتهم والارتقاء بهم.
من جانبها رحبت نور سلمان مدير عام الوكالة الوطنية للإعلام بانعقاد الجلسة الحوارية “الأخلاقية والكفاءة الإعلامية في عمل وكالات الأنباء”، آملة أن تزيد مثل هذه الفعاليات والنقاشات إصرار الدول الأعضاء باتحاد وكالات الأنباء العربية على المضي في عملية تطوير الإعلام الرسمي ومواكبته التطور التكنولوجي، وبما يمكنه من أداء دوره كاملا على صعيد التزامه الموضوعية والدقة في نقل الخبر الصحيح والموثوق به.
واشادت في كلمتها بحرص الحضور والسيد مهند سليمان النعيمي مدير وكالة أنباء البحرين على الدعوة والمشاركة وإنجاح أعمال الجمعية العمومية لاتحاد وكالات الأنباء العربية، وعلى كل الجهود التي بذلها لكي تكون الجلسة الحوارية على مستوى الآمال والطموحات.
وأشارت في ورقتها المعنونة بـ “مهنية الصحافي في الوكالات الرسمية وكفاءته شرط لممارسة الحرية الإعلامية”، إلى تجربة رئاستها للوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، معتبرة أنه بالرغم من تبعية الوكالة لوزارة الإعلام، لكن ذلك لا يعني أنها وكالة للرسميين، ورغم أن لديها مراسلين في كل المقار الرئاسية والوزارات، لكن لديها في المقابل مكاتب في كل قضاء في لبنان لمتابعة شؤون الناس وشجونهم وتغطية نشاطاتهم ولإلقاء الضوء على مشاكلهم.
وقالت إن الوكالة والعاملين بها أخذوا عهدا على أنفسهم بأن يكونوا على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وأن يتركوا أهواءهم السياسية وميولهم على حدة ويعملوا يدا واحدة في سبيل إعلاء شأن الكلمة الحرة والمسؤولة، لافتة إلى أن “مسؤوليتنا لا تقتصر على نقل أخبار المسؤولين واستقبالاتهم بل تتعداها إلى الأخبار والتحقيقات الأمنية والقضائية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها”، مشددة على أن السرعة في نقل الخبر، في ظل المنافسة الشديدة، لا تبرر التسرع في الاستغناء عن المصادر الموثوق بها وفي عدم التحقق من صدقيتها.
وأضافت أن الوكالة الوطنية للإعلام “اتخذت قرارا، ومن دون أي ضغوط من أي جهة، بالإحجام عن نشر كل ما يحض على العنف والكراهية، ويدعو إلى الانتقام ويقيم تمييزا بين المواطنين على أساس انتماءاتهم، عاملين على تنقية الأخبار من لغة التحقير والتشهير والتهجم والبذاءة والتهكم المسيء إلى كرامات الأشخاص والجماعات، حتى ولو كان صادرا عن وزير أو نائب أو مسؤول، ونحرص على نشر الأخبار كما هي من دون تحريف أو إخفاء للحقيقة”.
وبينت أن “الإعلام الرسمي ليس بالطبع، كما يحاول البعض تصويره على غير حقيقته، إعلاما دعائيا أو إعلاما للسلطة في مواجهة معارضيها، لكنه إعلام للجميع، غير منحاز إلى أحد ويسهم في تعزيز المواطنة الحقيقية، ويؤمن باحترام حق المواطنين في المعرفة، ويتيح لهم تكوين قناعاتهم بأنفسهم”، مؤكدة على ضرورة أن يتحول الإعلام الرسمي إلى “إعلام تواصل، بين المواطنين والسلطة من جهة، وبين المواطنين أنفسهم من جهة ثانية، وبشرط عدم تغليبه الرأي على الخبر، وعدم تغييبه للرأي الآخر بحيث يكون على مسافة واحدة من القوى السياسية، وأكثر اهتماما بالقضايا الحياتية للمواطنين”.
ورأت أن تحقيق ذلك يتطلب أن تتوافر للإعلام الرسمي إمكانات، بشرية وتقنية ومادية، ومرونة وحرية حركة في إدارته حتى يستطيع أن يكون على مستوى مهماته الوطنية، وهو ما يرتب على الحكومات مسؤوليات كبيرة لتعزيزه واعتباره حاجة ماسة، توازي بأهميتها مسؤولية الدفاع عن الوطن، موضحة أن الوكالة الوطنية للإعلام تتطلع إلى نقلة نوعية، وتسعى جاهدة إلى توفير الإمكانات المادية، بحدودها الدنيا، لكي تؤدي دورها الوطني والإعلامي الجامع والشامل.
وخلصت في ختام ورقتها إلى ضرورة “العمل والتنسيق كجسم إعلامي رسمي موحد بين وكالاتنا ومن ضمن اتحادنا، وبما يجمعنا من قواسم مشتركة كثيرة، وذلك من أجل صون الحرية بكل معانيها، وممارسة هذه الحرية بمسؤولية تامة، والتمسك بقوة بأخلاقيات المهنة وآدابها، انطلاقا من المبادئ العامة لشرعة ميثاق الشرف الإعلامي”.
من جهته دعا السيد طارق أحمد الشامي مدير عام وكالة الأنباء اليمنية
” سبأ ” في مداخلته بالجلسة الحوارية ، إلى “أهمية توجه وكالات الأنباء العربية للتحول من واقعها كوكالات حكومية إلى وكالات عامة، سيما مع تسارع الثورة المعلوماتية والتكنولوجية واقتحام المجتمعات لأسوار السياسة وسياجاتها، ما يعني أن ثمة ظروفا مساعدة لذلك التحول على المستوى السياسي واستعدادا على المستوى المجتمعي”.
وقال إن “ثمة عوامل خارجية داعمة ومساعدة أيضا يمكن توظيفها في طريق التحول، خاصة مع تواجد الإدارة والإرادة الراغبة في التغيير والتطوير”، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك هناك “عوامل تقف حجر عثرة في طريق التحول, يأتي في مقدمتها قصور الإمكانات المادية بدرجة رئيسية وتواضع الكوادر المؤهلة، الأمر الذي يتطلب مزيد من الجهود في تغيير أساليب التناول والتنوع في تقديم المحتوى الحديث والمتجدد، مع تنفيذ أنشطة ذات علاقة بالمجتمع وبالرأي العام، وتوظيف الرصيد المعلوماتي المتراكم الذي تقف عليه وكالات الأنباء، بالإضافة إلى الاستفادة من تواجد ممثليها المتسع جغرافيا”.
وتابع قائلا إن وكالات الأنباء العربية مطالبة اليوم بإضافة أدوار جديدة لدورها التقليدي، وذلك لمواكبة المتغيرات من خلال “التنويع في أنشطتها، وتحديث التناول وبما يتناسب مع تطور الآلة الإعلامية الحديثة، واستمرارية التدريب والتأهيل وإعادة التأهيل وبما يحقق النضوج المهني والوعي بالمسئولية الصحفية تجاه المجتمع، والعمل على إعادة البناء النفسي وتحقيق الرضاء الوظيفي، والاهتمام بالتخصص وإرساء قواعده، وتشجيع التوسع في تنويع الأسلوب في الصحافة المتخصصة وإثراء المعلومات بزوايا وتقنيات تشد المستفيدين من خدمات الوكالة”.
وأضاف أن “ضابط العمل الصحفي في وكالات الأنباء يكمن في الوعي بالقوانين السائدة ومواثيق الشرف، بالإضافة إلى المواثيق والاتفاقات المحلية والمرحلية ذات الخصوصية”، موضحا ضرورة تنفيذ عدد من الأنشطة لتحقيق التنوع في أداء وكالات الأنباء من قبيل: “تنفيذ الاستبيانات واستطلاعات الرأي، جعل الصحافة الاستقصائية جزءاً أصيلا في عمل الكادر الإعلامي بالوكالة، إعداد وإصدار الكتب والوثائق والمعلومات المتنوعة والمتخصصة، التنوع في إنتاج الصورة وجعلها إحدى قنوات الدخل، تنظيم الندوات والمؤتمرات وورش العمل، والتوسع في كتابة التقارير والتحليلات، وإعداد إصدارات ونشرات متنوعة ومتخصصة، فضلا عن إعداد وإنتاج برامج وثائقية تلفزيونية”.
من جهته اعتبر الدكتور فريد أيار الأمين العام للاتحاد في ورقته التي عنونها بـ “القواعد الأخلاقية الفضيلة والكفاءة الصحفية”، أنه مهما كثرت مواثيق الشرف الإعلامية وتعددت موادها وفقراتها الداعية إلى التمسك بالأخلاق، فإنها “تصبح حبراً على ورق إن لم يصاحب ذلك إدراك الصحفي بضرورة التقيد بها”.
وأشار إلى أن هذا الإدراك لابد أن “يتربى عليه الصحفي منذ نعومة أظفاره، في البيت والمدرسة التي تعلم ودرس فيها والمحيط الذي عاش داخله، بحيث يكون قد رسخ في ذهنه القدر الكافي من المعاني الأخلاقية كالأمانة، الحياد، عدم الحقد، المحبة، النزاهة، احترام الآخرين وحقوقهم وعدم التحيز وغيرها”.
وذكر أن “الأخلاقية بقسميها، الحقوق والواجبات وقيم الفضيلة، تصبح من الشروط الضرورية لكي يصبح الشخص صحفياً جيداً وعلى الصحفي الجيد (الكفوء) أن يوفق ويزاوج بين الممارسة المهنية وبين القواعد الأخلاقية، وأن على المرء أن يميز بين المقاييس الأخلاقية الاعتيادية ومقاييس أخلاقية الصحفيين”، موضحا أنه “عند النظر إلى هذه المقاييس من داخل المجتمع الصحفي يمكن اعتبار ممارسات اختلاس السمع أو انتهاك العزلة الشخصية لأغراض الحصول على مواد إخبارية مهمة باعتبارها تتوافق مع المقاييس المهنية العالية في الحقل الصحفي، ولكن عند النظر إليها من خارج المجتمع الصحفي يمكن اعتبارها تستحق الشجب من الوجهة الأخلاقية”.
وقال إنه “لا يستطيع أي قانون للأخلاقيات أن يعطي حلولاً لكافة المشاكل الأخلاقية المحيرة التي تواجهنا في حياتنا اليومية أو في الصحافة، وأن كل ما نحتاج إليه هو أسلوب معقول ومنهجي للتعامل مع هذه القضايا”، حيث ينخرط العديد من الأشخاص الجدد في هذه الأيام في حقل الصحافة ويجلبون معهم فلسفات جديدة حول أخلاقياتها”، مشيرا إلى أن هناك بعض الأساسيات الضرورية التي يجب أن يؤمن ويعمل بها المشتغلون في حقل الإعلام عامة والصحافة بشكل خاص، وهي، كما نقل أيار عن مراسلين صحفيين كبار: “قل الحقيقة، استعمل مصادر يعتمد عليها، صحح أخطاءك، احتمي من تضارب المصالح، عدم انتحال آراء من أعمال الآخرين”.
وأكد “إذا لم تكن تستطيع قبول هذه المبادئ فإنك مروج لدعاية أكثر من كونك صحفي”، لافتا إلى أنه فيما عدا هذه المبادئ الأساسية ينبغي على الصحفيين إجراء اختيار مهم بين وجهتي نظر شرعيتين في المهنة: هل هم صحفيون موضوعيون، غير متحيزين يتمثل هدفهم بالإبلاغ ببساطة عن الوقائع بأكبر قدر ممكن من الإنصاف وعدم التحيز؟ أم أنهم صحفيون لوجهة نظر يواصلون الإخلاص لبلد، لأيديولوجية أو لمجموعة إثنية ؟”.
وبين أنه مع كل ذلك فإن “الصحفيين لوجهة نظر يجب أن يكونوا منصفين وصادقين في كل قصة يسردونها”، وعليهم اتخاذ القرار واختيار إما أن يكونوا موضوعيين أو صحفيي وجهة نظر، كما عليهم “اتخاذ قرارات أخلاقية أخرى تشمل كيفية التعامل مع قضية خطاب البغضاء أو الكراهية” الذي انتشر بشكل واسع هذه الأيام، مؤكدا أنه “يتوجب على وكالات الأنباء وأجهزة الإعلام العربية بالذات عدم تعريض أنفسهم للاستعمال كشريط ناقل للخطب الكريهة”.
وأشار في ختام ورقته إلى قضية أخرى للجيل الجديد من الصحفيين، وهي قضية التصوير المتطفل والكاميرات والميكروفونات المخفية، وهل يحق للصحفي استخدامها دون سماح الطرف الآخر، موضحا أن معظم البلدان بدأت الآن تناقش وضع قوانين حول هذه القضية، وأنه من الأهمية أن يكون الصحفيون الرقميون جزءاً من هذه النقاش، حيث برزت في وقتنا الحاضر أنواع جديدة من المشاكل الأخلاقية بسبب هذه المستجدات”.
بدوره أكد الدكتور تيسير أبو عرجه عميد كلية الإعلام بجامعة البترا الأردنية
أن هناك حاجة ضرورية تفرضها الثورة المعلوماتية وحجم المنافسة الذي تتعرض له وسائل الإعلام العربية عموما ووكالات الأنباء بشكل خاص لتبني نهج جديد في العمل الصحافي العربي بحيث ينحو أكثر للصحافة المتخصصة، مشيرا إلى أن “التخصص هنا يعني وجود المحررين القادرين على التعامل مع الأخبار وتحريرها بمنطق الحرفية والوعي والقدرات الفكرية واللغوية والدراية بالأبعاد السياسية والخلفيات الفكرية، وذلك لاختيار الأخبار وانتقاءها وتحريرها ومعالجتها تفسيريا وتحليليا”.
وقال في كلمته تحت عنوان “الصحافة المتخصصة في وكالات الأنباء”، انه”إذا ما أردنا العناية بالأخبار كمادة متخصصة، فإن ذلك يتطلب وجود محررين أكفاء يكون دأبهم العمق في تناول الروايات الإخبارية، وبحيث يكونوا قادرين على التمييز بين ما هو جوهري وما هو ثانوي من المعلومات، والبناء المنطقي السليم للمواد، واستيعاب ثقافة المجتمع وتركيبته والعوامل المؤثرة في الرأي العام المحلي، والتمتع بالمهنية الصحفية العالية، وغير ذلك من سمات”، موضحا أنه يمكن الاستعانة بخريجي التخصصات الأكاديمية المنوعة في المجالات المختلفة لتكوين الصحفي المتخصص، وإتاحة الفرصة لهم للحصول على دورات الكتابة والتحرير وصياغة الأخبار، فضلا عن استقطاب نخبة من الخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة ليكونوا مستشارين ومحللين وباحثين يتم اللجوء إليهم لتسليط الضوء على القضايا محل المعالجة”.
وأوضح أن الكثير من المعاهد والكليات الإعلامية العربية “بمناهجها الراهنة تخرج القادرين على القيام بأعمال المندوبين الصحفيين العامين فحسب، الذين يحتاجون إلى تأهيل نظري وعملي يؤهلهم في العمل التحرير المتخصص”، معتبرا أن هناك “جهوداً كبيرة تبذل لتجسير الفجوة بين النظرية والتطبيق في الدراسات الإعلامية، من خلال زيادة ساعات التدريب العملي في مناهج تدريس الإعلام، وإتاحة فرصة كافية لتدريب خريجي الإعلام في مراكز التدريب المؤهلة بعد تخرجهم”.
وأشار إلى “أن دواعي التطور، وتقديم التحرير الصحفي الشامل المتخصص، وبالطريقة التي تتناسب وتقدم العصر، وتنوع وسائل الإعلام، والتدفق الكبير للرسائل الاتصالية، يتطلب من الوكالات القيام بالمراجعة الشاملة لأعمالها وتغطياتها الإخبارية، والقيام بالمزيد من الخطوات على طريق تأهيل المندوبين والمراسلين الصحفيين من الشباب الجامعي، ومنحهم فرصة التدريب العملي المكثف، وتعريفهم بالبيئة القانونية والتشريعية لعمل الإعلام، والتمكن من لغة الأخبار والتقارير الإخبارية المتخصصة”.
وختم ابو عرجة ورقته بالقول إن “هناك حاجة لإعادة النظر في أساليب التحرير الصحفي، من خلال عناصر الحيوية والجاذبية التي تتطلبها صياغة القصص الصحفية الإخبارية، والاهتمام بالتحليلات الصحفية المعمقة، والاستعانة بالخبراء والمتخصصين في رفد المواد الصحفية، وفتح الطريق أمام جيل جديد من المتحدثين البارزين المبدعين في مجالات الإبداع والإنتاج والفكر، والتخفيف من العمل المكتبي والحصول على التصريحات الهاتفية ذات الطابع الرسمي أو الدعائي، والالتحاق بالميدان لنقل حياة الناس وهمومهم ومشكلاتهم والتداعيات الناشئة عن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية”.