عين ع الإعلام
“تايمز”: أوروبا تتخذ إجراءات أقوى للاعتراف بفلسطين
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن “دول أوروبا وهى أكبر شريك تجارى لإسرائيل ومركز دعمها التاريخى تتخذ إجراءات أكثر قوة لدعم السيادة الفلسطينية ولإدانة ما تراها سياسات عدوانية توسعية إسرائيلية”.
وأوضح ستيفن ايرلانجر مدير مكتب “نيويورك تايمز” فى لندن – فى تحليل نشرته الصحيفة – أن اللهجة الأوروبية ازدادت حدة فى الرد على الحرب على قطاع غزة الصيف الماضي، وعلى التوسع الاستيطانى الإسرائيلى الذى يصفه زعماء أوروبا بـ “غير القانوني”.
وقال إنه “عقب سنوات من الإحباط المتراكم الذى كثيرا ما عبر عنه، ونادرا ما اتخذت مواقف بشأنه، اتخذ ساسة من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والسويد إجراءات رمزية للضغط على إسرائيل لكى تتخذ موقفا أكثر تساهلا مع الفلسطينيين.
وأوضح إيرلانجر أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى أصدروا الأسبوع الماضى بيانا أدانوا فيه العنف المتنامى فى العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية واستيلاء إسرائيل على أرض بالقرب من بيت لحم فى الضفة الغربية والخطط لبناء مستوطنة جديدة ودعوا إسرائيل إلى تغيير سياستها تجاه غزة.
ونقل إيرلانجر عن داليا شندلين المحللة الإسرائيلية قولها إن “إسرائيل تخسر أوروبا على ثلاثة مستويات: الرأى العام تحول ضد إسرائيل فى غالبية الدول الأوروبية، الاتحاد الأوروبى نفسه يفكر على نحو متزايد بشأن تنفيذ سياسات ضد التواجد الإسرائيلى فى الضفة الغربية ومؤخرا موجة المناقشات البرلمانية والتوصيات لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية”.
وأشار المحلل إلى أن البيانات وعمليات التصويت غير الملزمة لدعم الدولة الإسرائيلية لا يبدو أنها سيكون لها أثر فورى ملموس على مصالح إسرائيل الاقتصادية والسياسية الرئيسية.. فإسرائيل تواصل الاحتفاظ بعلاقات دبلوماسية جيدة مع غالبية دول الاتحاد الأوروبى.. ومع ذلك تعكس الإجراءات نفورا متزايدا فى الرأى العام الأوروبى يهدد بسحب الدعم المتبقى للدولة اليهودية.
وقال مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز فى بريطانيا إن “العديد من الزعماء لا يستبعدون فرض عقوبات على إسرائيل خاصة فى الأراضى التى احتلت بعد عام 1967 إذا لم يروا تقدما أحرز على صعيد حل الدولتين”.
ولفت إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين يناقشون الإجراءات التى يمكن أن يتخذها الاتحاد الأوروبى بالإضافة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية لتعزيز حل الدولتين فى ظل غياب المفاوضات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف. وينقل عن فينست فين القنصل العام البريطانى فى القدس منذ عام 2010 وحتى هذا العام قوله إن “أوروبا منزعجة بشدة من حل الدولة الواحدة التى تسرع إسرائيل الخطى إليه”.
وقال إيرلانجر إن “المناخ المتغير يشكل خطرا لإسرائيل.. فالاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى لإسرائيل بما يعادل 30 مليار يورو تقريبا سنويا ويقدم لها إعفاء جمركيا للدخول إلى دول الاتحاد البالغ عددها 28 دولة.. وبالنسبة للدول الأوروبية تعتبر إسرائيل شريكا مهما فى التكنولوجيا المتقدمة والاستخبارات والدفاع ويتضمن ذلك الأسلحة”.
وقالت “نيويورك تايمز” إن “غالبية الإسرائيليين يرون أنفسهم متواءمين ثقافيا مع أوروبا أكثر من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وأن احتمال قطع هذه الصلة عن طريق إجراءات تأشيرات الدخول على سبيل المثال قد يمثل صدمة رهيبة لهم”.
ونقلت عن شلومو أفينارى وهو دبلوماسى سابق يدرس فى الجامعة العبرية فى إسرائيل قوله إن “غالبية الإسرائيليين يهتمون بذلك للغاية.. لا مكان آخر فى العالم يستيقظ فيه الناس وينزعجون بما تقوله صحيفة ما فى لندن أو ستوكهولم”.
وفى الوقت نفسه، قال أفينارى إنه “منزعج من الطريقة التى يقلل بها بعض المتشددين الإسرائيليين من شأن التحول فى اللهجة الأوروبية”.. مضيفا أن “هناك أشخاص فى الحكومة الإسرائيلية متعصبون للغاية.. هم لا يأبهون لما يفكر فيه العالم”.
وذكرت “نيويورك تايمز” أن القادة الإسرائيليين يرفضون غالبية الانتقاد الأوروبى لسياساتهم ويقولون إنها ناجمة إما عن انحياز صارخ أو عدم الفهم ويقولون إن القادة الفلسطينيين هم من تجاهلوا الانخراط فى محادثات سلام بناءة.
وقالت (نيويورك تايمز) إن “الفوضى التى أعقبت الربيع العربى والصعود السريع للجماعات المتطرفة مثل جماعة الدولة الإسلامية سلطت الضوء على كيف يمكن لحكومة فلسطينية ضعيفة أن تشكل تهديدا لوجود إسرائيل”.
وأضافت أن “الأوروبيين يركزون على النشاط الاستيطانى الإسرائيلى الذى يرونه غير قانونى ويضعون خطا فاصلا حادا بين حدود ما قبل عام 1967 والأراضى المحتلة”.
ومن جانبه، يقول ديفيد ليفى خبير الشرق الأوسط فى معهد العلاقات الخارجية الأوروبى إن “عصر الاحتلال دون ثمن للأراضى الفلسطينية يقترب من النهاية.. ويهدد المسئولون الأوروبيون بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب ما تفعله وراء حدود 1967 بما فى ذلك التوسع الاستيطاني”.
وأضافت الصحيفة أن “الإيماءات الرمزية حتى الآن مثل الاعتراف بفلسطين أو قصر التعاون الأكاديمى على إسرائيل قبل عام 1967 ربما يكون له تأثير محدود”.
ويقترح البعض أن الإجراءات الأوروبية ربما تضمن فرض قيود على تأشيرات الدخول للقادة الإسرائيليين الذين يرفضون حل الدولتين أو حتى عقوبات اقتصادية على الشركات العاملة فى الأراضى المحتلة.
وبدوره، اعترف أفى بريمور رئيس الدراسات الإسرائيلية فى جامعة تل أبيب والسفير الإسرائيلى السابق إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبى بخسارة الرأى العام الأوروبى. وكان وزير الخارجية الإسرائيلى افيجدور ليبرمان قد قارن الشهر الماضى بين الانتقاد الأوروبى لإسرائيل ودعم الفلسطينيين لمنهج أوروبا تجاه تشيكوسلوفاكيا عام 1938.. وقال ليبرمان إن “الجاليات الإسلامية الكبيرة فى أوروبا تؤثر على آراء حكوماتها.”
وقالت الصحيفة الأمريكية إن “الإحباط فى أوروبا دفع دبلوماسيين من عدة دول إلى بدء مناقشات غير رسمية بشأن كيفية تشجيع تحريك حل الدولتين، وقالوا إنهم ينظرون فى إجراءات تتضمن عقوبات محتملة ضد منظمات استيطانية وساسة إسرائيليين مثل نافتالى بنيت وزير الاقتصاد الذى يعارض الدولة الفلسطينية بدعوى أن وجودها لم يعد واقعيا”.
وأوضح مدير مكتب نيويورك تايمز فى لندن إن “هناك جهودا أوروبية داخل الأمم المتحدة أيضا تقودها بريطانيا وفرنسا لصياغة مشروع قرار يحث على المحادثات”.
وذكر السفير الفرنسى فرانسوا دولاتر المجلس هذا الشهر إن “أوروبا يجب أن تتحمل مسئولياتها وتعمل على إعطاء الفلسطينيين وضعا أكثر مساواة مع الإسرائيليين”.