مصر الكبرى
العمالة الأجنبية تحتل كبرى المدن الصناعية
الشرقية – مدحت الشيخ
كارثة البطالة أو قنبلة مصر الموقوتة وما نتج عنها من فقر وفساد وهجرة غير مشروعه. بالإضافة إلى زيادة معدلات الجريمة واليأس وفقدان الأمل وصولا إلى محاولات الانتحار .
حقا أنها كارثة تستوجب الوقوف ولفت الانتباه فالوضع يؤكد أن معدلات البطالة في تزايد مستمر الجميع يحاول البحث عن سبيل ا لخروج من الأزمة ولكنها محاولات بلا جدوى في السطور التالية نحاول الاقتراب من جذور المشكلة بشكل موضوعي بعيدا عن المزايدات وإلقاء الاتهامات في محاولة للوقوف علي تفصيل غير مرئية وأسباب من ارض الواقع في خطوه علي الطريق الصحيح للخروج من المأزق .العمالة الأجنبية ظاهرة تزيد الأمر صعوبة في الوقت الذي تزداد فيه البطالة المصرية يوما بعد الأخر تستوقفك ظاهرة تزيد الأمر صعوبة أكثر مما هي عليه أنها ظاهرة العمالة الأجنبية . فقد استحوذت هذه الفئة على نسبة ليست بقليلة من فرص العمل المصرية ففي أثناء جولتنا بمدينة العاشر من رمضان رصدنا ما لا يقل عن 7 شركات ما بين شركات للصناعات البلاستيكية والمواد الغذائية بالإضافة إلى أشهر شركات الملابس وبعض شركات الصناعات المعدنية قامت باستقدام عمالة الأجنبية .فعندما تقع عينك على مثل هذه الظاهرة قد يتبادر إلى ذهنك العديد من الأشياء فربما تعتقد أنها عمالة فنية تتمتع بمهارة ما لم تتوفر لدي نظرائهم المصريين أو خبراء جاءوا لتدريب كوادر مصرية أو أقل أجرا ؟؟ ولكن الإجابة ستدفعك إلى وضع المئات من علامات الاستفهام لأنها لا تحمل سوي كلمة واحدة ألا وهى ( لا ) فقد علمنا أثناء جولتنا أن هذه العمالة ليست سوى عمالة عادية أو مكملة لا تتمتع بأي مهارة فنية وانتشرت بشكل عشوائي لاهم خبراء مضطرين للإستاعانة بهم ولا يمتلكون مهارات تميزهم عن المصرين؟؟بما يخالف لقانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والذي ينص على عدم استخدام العمالة الأجنبية إلا في حالة عدم توفير البديل المصري وان يكون استقدام العمالة لمهمة التدريب فقط ولا يزيد عن 10% من تعداد العاملين في أي منشأة مهما تعددت فروعها وآلا يكون سببا في مزاحمة العمالة الوطنية .كيف وصلت هذه العمالة إلى سوق العمل المصرية ؟؟كان لابد لنا من الإجابة على هذا السؤال فلم أجد أمامي إلا زيارة مجموعة من هذه العمالة بعد الحصول على عنوان إقامتهم بمساعدة أحد العمال المصريين العاملين في نفس المنشأة التي يعملون بها وبالفعل قمت بزيارته بدعوى إنني موظف في إحدى الشركات الموجودة بالمدينة والتي ترغب في استقدام عمالة من بلادهم .فسمحوا لي بالدخول وكانت أولى ملاحظاتي بعد دخولي وجود مجموعة من هذه العمال لا تقل عن 13 فرد ما بين مقيمين بالمكان وبعض الزائرين لهم من أصدقائهم يعملون في أماكن أخرى ؟ تحدثوا معي في بداية الأمر بحرص زائد يبدو أنهم مدركين لضعف موقفهم القانوني جيدا .كما حرصوا على التحدث بلغة بلادهم حتى لا أتمكن من معرفة ما يدور بينهم وبعد إجراء مشاورات كل منهم مع الأخر بدءوا في الاستجابة لي علما بأنهم يتحدثوا العربية بشكل جيد وبدأت بسؤالهم عن كيفية استقدام عمالة من بلادهم وذلك لرغبة صاحب العمل الذي أعمل لديه في الاستعانة بهم وبعد عدة محاولات من جانبي نجحت في الحصول على رقم لهاتف محمول لرجل مصري الجنسية يدعى محمد صلاح مؤكدين أنه هو المسئول عن ذلك الأمر .وفى اليوم التالي قمت بالفعل بالاتصال بهذا الرجل وكان لم يقم بالرد في المرة الأولى وحاولت مرة أخرى وسرعان ما تم الرد وقمت بتعريف نفسي على أنى موظف في إحدى الشركات مكلف بالتعاقد مع مجموعة من العمالة الأجنبية . وبادرني سؤال عن كيفية حصولي على رقم الهاتف الخاص بي وجدته بأنني حصلت عليه عن طريق أحد أصدقائي من العاملين في جهاز العلاقات العامة بإحدى الشركات وبعد أن اقتنع بذلك سألني ماذا تريد ؟؟ وكانت إجابته برغبتي في استقدام بعض من العمالة الأجنبية فتطرق للسؤال عن العدد وأجبته عن حاجتي إلي ما يقرب إلي 15 – 20 فطلب منى الاتصال بعد فترة قصيرة . وبعد نصف ساعة تقريبا قمت بالاتصال به مرة أخرى وقام بإعطائي رقم هاتف لشخص بنجلادش الجنسية وسألته عن اسمه فقال أنه يدعى محمد .وفى أثناء المكالمة طلبت منه إعطائي بعض التفاصيل عن هذه العمالة حتى اتمكن من التعامل معه وكان سؤالي الأول هل لهذه العمالة تأمينات فقال لا يوجد لهم تأمينات ومن يمرض نقوم بعلاجه ونصحني بعدم التعامل معهم بشكل رسمى لأنه سيمثل لي مشكلة وبادرته بسؤال أخر ماذا أفعل لو علمت التأمينات وكانت أجابته صادمة فرد قائلا : لقد أتت التأمينات إلينا مئات المرات ما عليك ( تراضيه وخلاص ) بص مشيها بالبركة هكذا كان التعبير وبعد إنهاء المكالمة .قمت بالاتصال بالرجل البنجلادشي الجنسية فوجدت الهاتف مغلق فعاودت الاتصال بمحمد صلاح مرة أخرى فطلب منى بعض الوقت حتى يأتي لي برقم من أرقام هذه العمالة وبالفعل في اليوم التالي قام بالاتصال بي مع إعطائي عنوان لمكاتب تقوم بتوزيع هذه العمالة بقلب مدينة العاشر من رمضان .الأجنبي 200 دولار بالإضافة إلى مصاريف الإقامة والمصري 600 جنية في الوقت الذي يحصل فيه العامل المصري على راتب شهري 700 جنية بعد معركة استمرت سنوات بين ممثلي العمالة المصرية والحكومة لا تكفى الاحتياجات الضرورية يحصل العامل الأجنبي على أجر 200 دولار اي ما يعادل 1200 جنية مصري بالإضافة إلى مصاريف إقامته إذن فمجمل راتب الأجنبي من 1500 – 1700 جنية وهذا ما أكده طه أحمد يوسف صاحب أحدى الشركات ولديه العديد من العمالة الأجنبية .رجال الأعمال ما بين مؤيد ومعارض للظاهرة :وبسؤال طه أحمد يوسف رجل أعمال ممن قاموا باستقدام عماله أجنبية عن الأسباب التي دفعتهم لذلك فرد قائلا لجأنا إلى الاستعانة بعمالة من الخارج وذلك لعزوف العمالة المصرية عن العمل .مضيفا أن التعليم الجامعي أصبح نقمة لأن هدف الشباب الحصول على مؤهل عال دون النظر إلى احتياجات السوق وهذا ما يزيد الأمر صعوبة فكيف أطلب من خريج جامعي أن يكون عاملا تحت رئاسة عامل أخر أقل منه تعليما بالإضافة إلى النظرة الدونية للعمال وأصحاب المهن .فمثلا إذا تقدم العامل للزواج فلم يجد إلا الرفض في انتظاره وتطرقت في الحديث معه إلى السؤال عن سبب ارتفاع أجر العامل الأجنبي عن العامل المصري بالرغم من عدم وجود فوارق في الجوانب الفنية ؟؟وكان رده العامل الأجنبي ملتزم في الحضور والانصراف بالإضافة إلى استمراره في العمل .. أما العامل المصري يعمل بشكل مؤقت لحين إتاحة فرصه له للسفر مؤكدا إن رجل الأعمال لن يدفع أجر العمال من جيبه الخاص وعلى جانب أخر يرى مجدي فاخوري رجل أعمال ولكنه رافض لفكرة الاستعانة بعمالة أجنبية مبررا ذلك بعدم أهمية استقدام عمالة أجنبية إلا في حالة الضرورة القصوى لها مثل التدريب ولفترة مؤقتة أو القيام بعمل لا يجيده المصريين أما إذا كانت عمالة مكملة أو عادية فلا داعي لذلك .مؤكدا ثقته في العمالة المصرية وضرورة الاعتماد عليهاأسباب عزوف المصريين عن العمل :تشوهات جمة تسود سوق العمل في مصر ما بين فقدان العامل للأمان وغياب القانون وانعدام التأمين بالإضافة إلى تخفيض الأجور بصورة مزاجية . دفعت كل هذه الأسباب العمالة المصرية إلى العزوف إلى العمل في القطاع الخاص وهذا ما أكده شفيق فاروق مهندس بالقطاع الخاص الذي بدأ كلامه قائلا أعمل في القطاع الخاص منذ أكثر من 15 عام وارجع السبب في عزوف المصريين عن العمل إلى عدم حصول العامل على أجر مناسب أو حقه بشكل عام مؤكدا أنه في حالة حصول العامل المصري على أجر يكفى ما يتطلبه فمن المتوقع أن يصنع المستحيل .وأضاف عملت في أكثر من 5 شركات وقابلت العديد من النماذج المصرية الجيدة . أما عن سبب استمرار المجموعات الموجودة حاليا داخل القطاع الخاص فقد برروا ذلك بأنهم لم يجدوا أمامهم إلا الاستمرار بعدما وضعتهم الظروف بين مطرقة الحياة وسندان القطاع الخاص .شباب يفضل العمل باليومية بشكل غير منظم على العمل في القطاع الخاص كان من الملفت للنظر أثناء جولتي في مدينة العاشر من رمضان وجود مجموعة كبيرة من الشباب تبدو عليهم سمات التعليم جالسين وسط عمال المعمار وعمال التراحيل اقتربت منهم في هدوء وجلست بجوار أحدهم وبدأت بسؤاله إذا كان من الحاصلين على مؤهل أم لا فقال نعم أنا متعلم وأكملت حديثي معهم لماذا لا تعمل بإحدى الشركات الموجودة بالمدينة فرد قائلا : أعمل بكام ؟؟ 600 جنية تكفى للطعام أم الشراب أم للسكن فوجهت إليه سؤال أخر إذا أتتك فرصة للعمل بمبلغ 1200 جنية فقال أعمل ولا أريد اي شيء سواء تأمين أو رعاية أو اى شيء أخر فقط أريد أن أطعم أسرتي .وبادرته سؤال أخر : ماذا تقول إذا علمت إن العامل الأجنبي يحصل على 1200 جنية بالإضافة إلى مصاريف أقامته ؟؟ فاختتم حديثه معي بعد الاستماع إلى ما قلت( قائلا حسبيا الله ونعم الوكيل) .هكذا كان التعبيروفي النهاية يبقي سؤال هل دعمت الدولة القطاع الخاص بإعفاءات ضريبية وتخفيضات جمركية مرورا بتوفير الأراضي ودعم الطاقة لتوفير فرص عمل للأجانب .ام أصبح ابناء هذا الطن غرباء في ارضهم ( يا بنى أكلت الحنضل وزقت الصبر فلم أرى شيئا أمر من الفقر كلمة قالها الحكيم لقمان منذ مئات السنين ولكنها تبقى معبرة عن الفقر وطعمه في حلوق الفقراء ) .